تلخيص كتاب: أثر المرء في دنياه

العنوان: أثر المرء في دنياه

الحجم: 159 صفحة من القطع المتوسط

المؤلف: د. محمد موسى الشريف

الناشر: دار الفرقان، المملكة العربية السعودية

سنة النشر: 2007

يعرض الدكتور محمد موسى الشريف في كتابه أثر المرء في دنياه موضوع العمل لترك الآثار الجليلة بشكل شائق ومبسط بحيث يلائم أسلوب الكتاب جميع شرائح القراء من الأكاديمين والمثقفين بشكل عام. والدكتور محمد موسى الشريف أكاديمي ومثقف سعودي أثرى المكتبة العربية بالعديد من الأبحاث المميزة في المجالات الشرعية والثقافية والفكرية العامة، وليس هذا الكتاب إلا تواصلا لأعمال سابقة مثل كتابه عجز الثقات الصادر سابقا. ويتميز أسلوب الدكتور الشريف بالتسلسل الفكري في عرض الأفكار بلغة بسيطة الأسلوب متينة المبنى، كما ويميز أبحاث الدكتور الشريف تنوع مصادرها وثراء الحصيلة الثقافية والفكرية لمؤلفها.

وفي هذا الكتاب ” أثر المرء في دنياه” يقدم الدكتور موضوع الإسهامات المأمولة من الناس في دنياهم لترك آثار جليلة يشهد عليها الزمان، ويوضح القضية التي يسعى إلى التنويه عليها في كتابه فيؤكد أن “الأمة الإسلامية اليوم تخطو إلى الكمال والرقي والسيادة، وتطمح إلى العزة والكرامة، وترنو إلى المجد والقيادة ولكنّها لن تصل إلى ذلك بالأماني، ولا بأنصاف الأعمال إنّما ستصل -بعد توفيق الله وفضله- ببذل عظيم وجهد كبير، وتضحيات جليلات، وأعمال كبيرة ومشروعات رائدة، تنتج آثارا خالدة في دنيا الناس”، ويؤكد أن قضية الأثر العظيم قضية مفصلية في حياة الأمم ولا بد من تعظيمها في أذهان الناس صغارهم وكبارهم.

وتتوزع موضوعات الكتاب على ستة فصول أو مباحث كما يسميها المؤلف، وأول هذه المباحث هو ذكر الآثار في كتاب الله تعالى وسنة المختار صلى الله عليه وسلم. ويتحدث المؤلف في المبحث الثاني عن معنى الآثار وكونها أقدارا متفاوتة، وينتقل في الفصل الثالث ليتحدث عن فوائد العمل لترك الآثار الجليلة. وفي الفصل الرابع يعرض المؤلف كيفية ترك الآثار المحمودة الجليلة في أربعة أركان ويشرح في الفصل الخامس أثر فقد شيء من هذه الأركان أو ضعفها. ويختم بفصل أخير يتحدث فيه عن بعض العقبات التي ستواجه طالب الهدف العظيم وبعض الحلول المقترحة لتعين على تخطي تلك العوائق.

ويبدأ الفصل الأول، كما هو معهود عليه في بعض كتاباته، بذكر الآثار في القرآن الكريم فيتحدث عن الآثار في خمسة مواضع من الكتاب الكريم ويورد طلب أبي الأنبياء ابراهيم عليه الصلاة والسلام حين يدعو الله : (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) وكيف يستجيب الله سبحانه وتعالى دعائه: (وتركنا عليه في الآخرين). ثم يورد المؤلف أربعة أحاديث شريفة تذكر أهمية ترك آثار جليلة في حياة الناس.

أما الفصل الثاني فقد عنونه المؤلف بالآثار قدر وتفاوت، وركز فيه على معنى الآثار حيث أورد المعاني للغوية ثم قدم معنىً اصطلاحيا جامعا للأثر. فالأثر عنده هو: مايتركه المرء خلفه من نتائج عمله صالحا كان أو طالحا. ويوضح أنه ذكر نتائج العمل لأن الأثر إنما هو ناتج للعمل وتابع له وكم من عمل انقطع أثره أو لا أثر له. ويضيف أن الآثار نتائج لأعمال حسية كبناء المساجد أو معنوية كتعليم العلوم والدعوة إلى الله.

ويرى المؤلف أن الآثار من جملة الأقدار مستندا إلى حديث كتابة الأجل والأثر والرزق الذي رواه أبوالدرداء رضي الله عنه. ويضيف أن الآثار المحمودة متفاوتة في المنزلة فمنها آثار عظيمة كالجبال الرواسي ومنها ما هو محدود النفع، والموفق السعيد عنده هو “من هدي إلى عمل رشيد له أثر عظيم، وصاحبته فيه نية حسنة فهذا هو المسدد”. ويطرح في هذا الفصل سؤالا مهما وهو “هل يشترط للعمل النافع والأثر الجليل أن يكون صاحبه ذا عمر طويل ممتد؟” ويرى أن اجابته هي التوكيد بنعم فكلما زاد العمر زادت الفرصة لأن يرعى المرء نبته وينميه، ويرى المؤلف أن سن الأربعين هو أنسب الأعمار للبدء في ترك الآثار الجليلة. ولكن ذلك لا يمنع من وجود استثناءات فنبي الله عيسى عليه السلام رفعه الله إليه وهو في الثالثة والثلاثين ومع ذلك كان من أولي العزم من الرسل. وعمر بن عبد العزيز والإمام النووي والإمام البنا كلهم ماتوا ولمّا يتجاوز أطولهم عمرا الخامسة والأربعين وقد تركوا ما تركوا ن آثار عظيمة جليلة.

وفي الفصل الثالث يتحدث المؤلف عن فوائد العمل لترك الآثار الجليلة ويوضح أن عنوان المبحث هو فوائد العمل ولم يكن فوائد ترك الآثار الجليلة “لأن المرء قد يعمل طويلا ثم لا يكتب لعمله الأثر الجليل وإنما يكفيه العمل ليأخذ الأجر إن شاء الله تعالى”. ويتحدث المؤلف هنا عن ثمانية فوائد دنيوية هي: سد الثغرات الكثيرة الموجودة في ديار الإسلام، والحفاظ على الأوقات، والترقي والكمل، والقدوة الحسنة، واستيعاب جهود الدعاة، وإحياء الأمل وتجديد الثقة بانتصار الإسلام، وتيئيس الكافرين من الانتصار على هذا الدين، وأخيرا هداية من جنح من المسلمين. كلّ هذه فوائد في دنيا الناس ويضيف إليها الفائدة الأخروية ويخلص فيها إلى قاعدة هي أن “كل من يريد منزلة أعظم من منزلة أقرانه في الآخرة عليه أن يعمل عملا أعظم من عملهم في الدنيا”.

ثم ينتقل في الفصل الرابع للحديث عن كيفية ترك الآثار المحمودة الجليلة ويؤكد أن هذا الفصل هو “لبّ البحث وخلاصة الأمر” وهو يقوم على أربعة أركان هي: حسن الصلة بالله تعالى، والصفات النفسية الجيدة، والهدف العظيم، والعلم الواسع والثقافة المناسبة. ويؤكد أن هذه الأركان هي كأركان البنيان إذا ضعف أحدها أو اختفى انتقضت عرى البنيان. ويتحدث عن الصفات النفسية المطلوبة فيذكر منها: الهمة العالية والثبات والتفاؤل والثقة والشجاعة والإقدام والجدية.

ويتحدث في الفصل الخامس عن أثر فقد شيء من الأركان التي ذكرها آنفا في الفصل السابق فيرى أن من فقد واحدا منها فقد يضعف عمله أو يضمحل تبعا لذلك الفقد. ويرى المؤلف أن أخطر فقد هو فقدان الركن الأول أي الصلة بالله تعالى فالعمل حينئذ ينقلب إلى خسران مبين. ويتحدث في هذا الباب عن أثر الكبائر في محق الآثار فيورد مثال مؤسس البنك العربي الذي فضل البنك الربوي على الإسلامي، ثم يعرض في الطرف الآخر مثالا على أثر حسن الصلة بالله فيذكر الإمام النووي وكيف ذاع صيته وعلا شأنه على مر تاريخ الإسلام لا لشيء إلا لحسن صلته بالله تعالى.

وفي الفصل الأخير يعرض الكاتب العوائق التي تقف حوائل دون تحقيق الأثر المطلوب وهي عقبة المجتمع والعقبات الشخصية والعقبات الخارجية. ويسهب في الحديث عن العقبات الشخصية فيورد بعض الصفات السلبية التي نقلها من كتابه عجز الثقات كالتواضع الكاذب والتحسس ورهف المشاعر والكسل والسآمة والملل واليأس والخوف وغيرها. ويفصل في ذكر بعض العقبات الخارجية كالاستعمار أو الاستخراب كما يسميه، والاستشراق والغزو الفكري وضرب حركات الإصلاح في العالم العربي والإسلامي والاحتلال العسكري المباشر كما في بعض البلدان المسلمة. ويرى المؤلف أن العقبة الأولى هي أشد العقبات صعوبة ويورد بعض النصائح لمجابهتها كالاستعانة بالله تعالى وعدم الإلتفات للشبه الوهمية وتوقع البلاء وغيرها.

ويختم الدكتور الشريف كتابه بوصية للدعاة العاملين أن يحرصوا على طلب العلم فهو الذخر الأعظم والغنيمة الكبرى والأمثلة العديدة التي ساقها الكتاب خير دليل على ذلك.
منقول

  1. No trackbacks yet.

أضف تعليق